مكاسب الذهب مع ضعف الدولار: ما التالي؟
استقر الذهب مؤخراً بالقرب من قمته القياسية بسبب ضعف الدولار وارتفاع الطلب من البنوك المركزية، بينما يتوقع المحللون في السوق احتمالية كبيرة لخفض الأسعار. السوق يظهر علامات تراكم للطاقة. اكتشف ما يمكن أن نتوقعه لهذا المعدن النفيس بعد قرار الفيدرالي الأخير بخفض أسعار الفائدة لأول مرة في عام 2025:

الملخص السريع
يتماسك الذهب بعد بلوغه مستوى قياسي جديد الأسبوع الماضي عند 3,700 دولار للأونصة نتيجة توقعات خفض أسعار الفائدة من الفيدرالي والصراعات الجيوسياسية المستمرة.
يراقب السوق الآن نقطة فنية حاسمة حيث يشكل 3,500 دولار مستوى دعم و 3,800 دولار مستوى مقاومة، بينما ينتظر المستثمرون إعلان الاحتياطي الفيدرالي عن المزيد من التخفيضات خلال 2025.
الذهب يحافظ على قوته قرب المستويات القياسية
في 16 سبتمبر 2025، أظهر سعر الذهب استقراراً عند 3,650 دولاراً للأونصة بعد وصوله إلى أعلى نقطة عند 3,700 دولار. الزيادة بنسبة 39.60% في الأسعار خلال عام 2025 نتجت عن عدة عوامل إيجابية تشير إلى استمرار النمو خلال الأشهر المقبلة.
في 18 سبتمبر 2025، وصل الذهب إلى 3,700 دولار للأونصة بينما استمر المستثمرون في الشراء. يُظهر نموذج المثلث الصاعد أن أسعار الذهب اخترقت الحد العلوي، وهو ما يعتقد المحللون أنه سيدفعه إلى هدف 3,800 دولار.
ارتفعت أسعار الذهب بنسبة 6.88% في سبتمبر، كما سجلت ارتفاعاً بـ 47% مقارنة بسبتمبر 2024، متفوقة على جميع فئات الاستثمار الكبرى.
توقعات أسعار الذهب: تخفيضات الفيدرالي تدفع صعود 2025
أصبح تحول السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي المحرك الرئيسي لقوة الذهب. ففي 17 سبتمبر 2025، خفّضت لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية سعر الفائدة القياسي لليلة واحدة بمقدار ربع نقطة مئوية، وهو أول خفض لأسعار الفائدة هذا العام. كما خفّض صانعو السياسة سعر الفائدة القياسي بمقدار 25 نقطة أساس.
الأهم بالنسبة لمتداولي الذهب، أن لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية أرسلت إشارات لما هو قادم، حيث يُتوقع خفضان إضافيان هذا العام، وخفض آخر في 2026، وآخر في 2027، ليصل معدل الفائدة إلى حوالي 3%. هذا المسار التيسيري يخلق بيئة مواتية للأصول غير المدرة للعوائد مثل الذهب.
لم يكن القرار بالإجماع، مما أبرز الخلافات داخل الفيدرالي. فقد كان المحافظ الجديد ستيفن ميران الوحيد الذي صوّت ضد الخفض بمقدار ربع نقطة، مفضلاً خفضاً أكبر بمقدار نصف نقطة. قد يشير هذا الاختلاف إلى إمكانية اتخاذ إجراءات أكثر جرأة في التيسير إذا تدهورت الأوضاع الاقتصادية أكثر.
وصف رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول هذا الخفض بأنه "إدارة للمخاطر" وليس إجراءً طارئاً، لكن المخاوف بشأن سوق العمل الأمريكي ازدادت رغم استمرار التضخم. فقد ارتفع معدل البطالة إلى 4.3% في أغسطس، بينما أظهرت المراجعة الأولية لمكتب إحصاءات العمل أن سوق العمل أضاف 911,000 وظيفة أقل مما تم الإبلاغ عنه سابقاً بين أبريل 2024 ومارس 2025.
ضعف الدولار يعزز جاذبية الذهب
العلاقة العكسية بين الذهب ومؤشر الدولار الأمريكي (DXY) تستمر في الظهور بشكل متوقع. فقد كانت العلاقة بين الذهب والدولار الأمريكي تاريخياً عكسية – عندما يقوى الدولار يضعف الذهب عادة، والعكس صحيح. هذا النمط أصبح واضحاً بشكل خاص في عام 2025.
عندما يضعف الدولار يصبح الذهب أرخص بالعملات الأخرى ويزداد الطلب عليه؛ وعندما يقوى الدولار ترتفع تكلفة الذهب في الخارج عادةً فينخفض الطلب. بيانات التوظيف الأمريكية الضعيفة في الأسابيع الماضية منحت الاحتياطي الفيدرالي مساحة لخفض أسعار الفائدة بشكل أكبر، وهو ما سيضعف ميزة الفائدة على الدولار.
في عام 2025، تراجع مؤشر الدولار بشكل حاد، منخفضاً بنحو 10.8% في النصف الأول من العام، مع قيام المستثمرين ببيع الدولار وسط مخاوف السياسات العالمية. وفي الوقت نفسه، وصل الذهب إلى مستويات قياسية جديدة. ومع ذلك، يجب على المتداولين ملاحظة أنه في عامي 2023 و2024 شهدنا ظاهرة غير معتادة: حيث أظهر كل من الذهب والدولار قوة كبيرة في الوقت ذاته، مما يشير إلى أن العلاقة ليست دائماً عكسية بشكل كامل.
تحليل تداول XAU/USD: ضعف الدولار يدعم مكاسب الذهب
في 19 سبتمبر 2025، حُددت مستويات دعم الذهب عند 3,500 – 3,470 – 3,390 دولار للأونصة، بينما كانت المقاومة عند 3,545 – 3,580 – 3,630 دولار.
يعتبر مستوى 3,500 دولار النفسي مهماً للغاية، ومن المرجح أن يبقى السوق في وضع "الشراء عند الانخفاضات".
قد تدفع الزخمات السعرية الذهب نحو 3,800 دولار، بينما يتوقع أن يوفر مستوى 3,520 دولار دعماً قصير المدى. المتوسط المتحرك الأسي لـ 50 يوماً قرب 3,400 دولار يمثل دعماً إضافياً.
التوترات الجيوسياسية تعزز الطلب على الملاذ الآمن
يأتي الدعم الأساسي لأسعار الذهب من حالة عدم اليقين الجيوسياسي المستمرة. فالمنطقة غير المستقرة في الشرق الأوسط ترفع الطلب على الذهب بسبب النزاعات العسكرية وعدم القدرة على التنبؤ في الأسواق، وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار. وتولّد الصراعات الجارية مخاطر أمنية متعددة يحتاج المتداولون إلى تقييمها.
تشمل الأوضاع الجيوسياسية في عام 2025 عدة مناطق نزاع نشطة تؤثر بشكل مختلف على أسعار الذهب في السوق. يظهر السوق حالياً أسعار الذهب عند 2,586 دولاراً وأسعار الفضة عند 31 دولاراً، وهو أعلى مستوى منذ عام 2012. كما أن التوترات بين الدول تمتد إلى ما وراء مناطق الصراع المباشرة، حيث تثير رئاسة البرازيل المقبلة لمجموعة بريكس في عام 2025 حالة من عدم اليقين بشأن وضع فنزويلا في ظل هذه العلاقات الدبلوماسية المتوترة.
وتبقى الحرب الروسية–الأوكرانية عاملاً رئيسياً مؤثراً في أسعار الذهب. كما أظهر السوق تزايد القلق بسبب التصعيد الأخير في الصراع، في حين تستمر التوترات في الشرق الأوسط.
مشتريات البنوك المركزية: 900 طن طلب هيكلي
أصبح شراء البنوك المركزية للذهب أحد أهم عوامل الدعم الهيكلية للأسعار. فمن المتوقع أن يصل الطلب من البنوك المركزية على الذهب إلى 900 طن في عام 2025، ليشكّل بذلك "المشتري الصامت" الذي يدعم الأداء القوي والمستمر لأسعار الذهب.
لقد بلغ حجم مشتريات القطاع الرسمي مستويات تاريخية. فخلال السنوات الثلاث الماضية، اشترت البنوك المركزية أكثر من 1000 طن من الذهب سنوياً، مقارنة بـ 400–500 طن فقط سنوياً في العقد السابق. هذا التسارع يعكس تغيرات جوهرية في نظرة البنوك المركزية لدور الذهب في احتياطياتها.
وتؤكد بيانات الاستطلاعات استمرارية هذا الاتجاه. ففي "استطلاع احتياطيات الذهب للبنوك المركزية 2025" الذي صدر مؤخراً، صرّح 43% من المصرفيين المركزيين الذين شملهم الاستطلاع أن بنوكهم ستزيد احتياطياتها من الذهب، فيما اعتقد 95% أن الاحتياطيات الرسمية من الذهب ستواصل الارتفاع خلال الـ 12 شهراً المقبلة. (المصدر: World Gold Council)
عوامل الخطر والرؤية المعاكسة
يبدو أن الحالة الصعودية الحالية للذهب قوية، لكن يجب على المستثمرين تقييم العقبات المحتملة في السوق التي قد تحد من نمو الأسعار أو تتسبب في تراجعات.
قد يتغير اتجاه الشراء من قبل البنوك المركزية أثناء أزمات العملات الحادة، إذ قد تضطر بعض الدول إلى بيع احتياطياتها من الذهب لحماية أسعار صرف عملاتها. والسجلات التاريخية تُظهر أن بعض البنوك المركزية في الأسواق الناشئة باعت احتياطياتها من الذهب خلال انهيارات العملات أو لجني الأرباح.
إن قيام الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة بشكل غير متوقع أو التوصل إلى حلول ناجحة للنزاعات الجيوسياسية قد يؤدي إلى قوة أكبر للدولار، وهو ما سيؤثر سلباً على أسعار الذهب. فرفع أسعار الفائدة يجعل الدولار الأمريكي أكثر جاذبية مع عوائد أعلى، مما يقلل من جاذبية الذهب. وعادة ما تنخفض قيمة الذهب عندما ترتفع أسعار الفائدة.
يواجه السوق أيضاً مخاطر جني الأرباح بعد أن ارتفعت أسعار الذهب بأكثر من 40% سنوياً. كما تُظهر المؤشرات الفنية للذهب تباطؤاً في الزخم الصعودي، مما قد يؤدي إلى استقرار قصير الأجل أو تصحيح سعري.
الذهب معرض لتقلبات مفاجئة. فقد شهد المعدن النفيس عبر تاريخه عدة انخفاضات طويلة الأمد. لذا فإن إدارة المخاطر تبقى عاملاً أساسياً.
*الأداء السابق لا يُعد مؤشراً على النتائج المستقبلية. ما ورد أعلاه مجرد توقعات ولا يجب اعتباره نصيحة استثمارية.
الأسئلة الشائعة حول الذهب
ما هي العوامل الرئيسية التي تدفع أسعار الذهب حالياً؟
ثلاثة عوامل رئيسية تقود الذهب: خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي مع توقع خفضين إضافيين في 2025، ضعف الدولار بنسبة 10.8% في بداية 2025، وشراء البنوك المركزية المتوقع عند 900 طن لعام 2025.
ما المخاطر التي قد تعرقل صعود الذهب؟
تشمل المخاطر الرئيسية تشدد غير متوقع من الاحتياطي الفيدرالي، حل التوترات الجيوسياسية، احتمال بيع البنوك المركزية لحماية عملاتها، والإرهاق الفني بعد مكاسب بنسبة 40% منذ بداية العام.
كيف تؤثر علاقة الدولار على تداول الذهب؟
يتحرك الذهب عادةً عكسياً مع الدولار - عندما يضعف مؤشر الدولار (DXY) يقوى الذهب. ومع ذلك، خلال حالات عدم اليقين الشديدة، قد يرتفع كلاهما معاً كملاذات آمنة. راقب مؤشر الدولار (DXY) للحصول على إشارات حول اتجاه الذهب.