ارتفاع الغاز الطبيعي بسبب توقعات الطقس البارد
قفزت عقود الغاز الطبيعي الآجلة (NG) بنسبة 16.35% يوم الاثنين 30 ديسمبر، مع اندفاع الصناديق نحو الشراء بعد توقعات بطقس أبرد من المتوقع خلال الأسبوعين المقبلين.
سجلت هذه الزيادة في أسعار الغاز الطبيعي أكبر مكاسب خلال ثلاث سنوات تقريبًا، مما أثر على خام غرب تكساس الوسيط (CL) و برنت (EB)، حيث أغلق غرب تكساس مرتفعًا بنسبة 0.6% وبرنت بنسبة 0.3%.
ورغم قلق بعض المحللين بشأن الطلب على النفط، يتطلع المنتجون إلى تخفيف القيود التنظيمية وفتح مراكز جديدة لتصدير الغاز الطبيعي في ظل إدارة دونالد ترامب القادمة.
في الوقت نفسه، تستعد أوروبا لمواجهة أبرد موجة شتوية هذا العام مع اقتراب انتهاء عقد عبور الغاز الروسي عبر أوكرانيا، في وقت يضغط فيه ترامب على المنطقة لشراء المزيد من الغاز الطبيعي المسال (LNG) الأمريكي لتجنب التعريفات الجمركية.

العوامل الدافعة لجنون سوق الغاز الطبيعي
قفزت العقود الآجلة للغاز الطبيعي لشهر فبراير يوم الاثنين بعد أن توقعت هيئة الأرصاد الجوية الوطنية طقسًا أكثر برودة من المعتاد في شرق ووسط غرب الولايات المتحدة، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار إلى 4.20 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية (Btu). كما توقعت شركة BAMWX الخاصة للأرصاد الجوية موجة برد "خطيرة" بين 8 و12 يناير، وامتدادها إلى النصف الشرقي خلال الأسبوع الثاني من الشهر، حيث يُتوقع أن يضرب الدوام القطبي المناطق السفلى الـ 48 خلال الأيام المقبلة.
كما يُتوقع أن تواجه شمال غرب أوروبا موجة برد، حيث يُتوقع أن تنخفض درجات الحرارة في المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا إلى ما دون متوسط الثلاثين عامًا ونقطة التجمد الصفرية. وقد دفعت أسعار الغاز المرتفعة في أوروبا إلى زيادة تكاليف الكهرباء خلال عطلة عيد الميلاد، حيث سجل السوق الألماني أعلى زيادة في إنتاج الطاقة الشمسية بنسبة 63%، بينما حققت إيطاليا رقمًا قياسيًا في الإنتاج اليومي. ومع انتهاء تدفقات الغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي عبر أوكرانيا، وتراجع مخزون الغاز الطبيعي إلى 74% من السعة خلال شتاء بارد، قد يستمر الضغط على أسعار الغاز.
كان المحفز الصعودي الملحوظ لحركة الأسعار يوم الاثنين هو توسعة مشروع الغاز الطبيعي المسال في مصنع شركة شينيير إنرجي (LNG) كوربوس كريستي. إلى جانب شحنات الغاز المسال من مصنع بلاكيمينز التي بدأت عبر شركة فينتشر جلوبال، دفع الطلب العالمي على الغاز المسال التوقعات الأمريكية إلى الأعلى. وعلى الرغم من أن الإنتاج وصل إلى 76% من اكتمال المشروع حتى 30 نوفمبر، أعلنت الشركة عن استكماله بنهاية الربع الأول. ويُقدر أن ينتج مصنع الغاز المسال أكثر من 10 ملايين طن من الغاز سنويًا.
أدت مجموعة من المحفزات الإيجابية قبل موجة البرد القادمة في الأيام والأسابيع المقبلة إلى تعزيز العقود الآجلة للغاز الطبيعي. ومع ذلك، يبقى أن نرى ما إذا كانت التوقعات ستخضع لمراجعة صعودية أو هبوطية.
محفزات للتوقعات الصعودية
وفقًا لـرؤى ستاندرد آند بورز العالمية للسلع، من المتوقع أن يظل الغاز الطبيعي في اتجاه صعودي حتى عام 2035 بسبب الطلب على الطاقة الناتج عن مراكز البيانات. وتشير شركة ويلز فارجو (WFC) إلى أن الطلب على الكهرباء لتشغيل البنية التحتية للذكاء الاصطناعي بحلول 2030 يعد محركًا لارتفاع الأسعار، حيث يلاحظ بعض المحللين أن مصادر الطاقة المتجددة وحدها لا يمكنها تلبية الاحتياجات. في الواقع، تتوقع جولدمان ساكس (GS) أن يشكل الغاز الطبيعي حوالي 60% من الطاقة التي يتطلبها الذكاء الاصطناعي، بينما تغطي الطاقة المتجددة النسبة المتبقية 40%. (مصدر: EuroNews)
عند النظر إلى عام 2025، تأتي توقعات الطقس البارد في وقت تواجه فيه أوروبا حالة من عدم اليقين بشأن احتياجاتها من الغاز. وقد كان يوم الاثنين آخر يوم لتدفق الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا بعد اتفاق عبور مدته خمس سنوات من غير المرجح تجديده، مع إغلاق معظم الطرق باستثناء خط "ترك ستريم" إلى أوروبا. في الوقت نفسه، سجلت واردات الغاز المسال الروسي إلى الاتحاد الأوروبي مستوى قياسيًا في ديسمبر، حيث تبحث المنطقة عن بدائل أرخص للغاز المسال الأمريكي. ومع ذلك، أشارت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في وقت سابق من هذا العام إلى زيادة الواردات الأمريكية لمواجهة الرسوم الجمركية المحتملة.
بحلول نهاية ديسمبر، حذر ترامب في منشور على "تروث سوشيال" الاتحاد الأوروبي من فرض رسوم جمركية، داعيًا المنطقة إلى شراء المزيد من الغاز المسال الأمريكي لتجنبها. ومنذ غزو روسيا لأوكرانيا، أصبحت الولايات المتحدة أكبر مورد للغاز المسال إلى الاتحاد الأوروبي، حيث شكلت حوالي نصف واردات الاتحاد في عام 2024.
ومن الجدير بالذكر أن دراسة حكومية أمريكية قدرت أن أسعار الغاز قد ترتفع بنسبة تصل إلى 30% إذا زادت صادرات الغاز المسال.
كما قدرت إدارة معلومات الطاقة (EIA) أن زيادة صادرات الغاز المسال قد تضيف 33% إلى أسعار الغاز الطبيعي في عام 2025 بعد تسجيل أسعار منخفضة قياسية في فبراير 2024، حيث من المتوقع أن يتجاوز الطلب العرض بشكل كبير. ومع أن إدارة جو بايدن أوقفت إصدار تصاريح التصدير في وقت سابق من العام، فمن المرجح أن يرفع ترامب الحظر العام المقبل. لا تزال إدارة معلومات الطاقة تتوقع أن تتضاعف صادرات الغاز المسال في السنوات القليلة المقبلة لتصل إلى 24.4 مليار قدم مكعب يوميًا، مع وجود ثلاثة مصانع غاز مسال إضافية قيد الإنشاء. ومع ذلك، يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه التوقعات ستتحقق.
الخلاصة
تشهد أسواق الغاز الطبيعي ارتفاعًا كبيرًا استجابةً للانخفاض الحاد في درجات الحرارة، إلى جانب مجموعة من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية والبيئية. من الدوامة القطبية التي تهدد الولايات المتحدة وأوروبا إلى تزايد صادرات الغاز المسال، يبدو أن الصناعة تمر بلحظة محورية.
وعلى الرغم من أن توقعات الطقس أثارت ارتفاعًا في الأسعار على المدى القصير، إلا أن التوقعات طويلة الأجل تعزز هذا الزخم. لا تزال احتمالات تخفيف اللوائح التنظيمية في عهد ترامب وصراع أوروبا لتحقيق أمن الطاقة من العوامل التي تشكل السوق.
في الوقت الحالي، هناك شيء واحد واضح – الغاز الطبيعي ينهي عام 2024 بقوة.