الغاز الطبيعي يتفوق على الذهب والنفط
بدأت السلع الأسبوع بشكل إيجابي يوم الاثنين، 9 ديسمبر، بدعم من التوترات الجيوسياسية في سوريا و تعهدات التحفيز الاقتصادي من الصين.
شهد الذهب (XAU) ارتفاعًا بنسبة 1.1% ليصل إلى 2,662.98 دولارًا للأونصة، بينما ارتفع النفط الخام الأمريكي (WTI) و خام برنت (EB) بنسبة 1.7% و1.4% ليصلا إلى 68.37 و72.14 دولارًا للبرميل على التوالي. ومع ذلك، أنهى الغاز الطبيعي (NG) الجلسة بارتفاع ملحوظ بنسبة 3.45%، مدعومًا بتوقعات بزيادة الطلب على التدفئة.
حدثت هذه المكاسب في السلع على الرغم من ارتفاع الدولار الأمريكي وزيادة احتمالات خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في اجتماعه المقرر في 17-18 ديسمبر.
يبقى المشاركون في السوق مركزين على تقرير مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) الأمريكي المقرر صدوره غدًا، 11 ديسمبر، للحصول على مؤشرات حول الاتجاهات قصيرة الأجل المقبلة. (مصدر: Reuters)
ارتفاع الذهب والنفط بدعم من التوترات الجيوسياسية والتفاؤل
بدأ الذهب الأسبوع مدعومًا بالطلب على الملاذ الآمن عقب انهيار الحكومة السورية خلال عطلة نهاية الأسبوع واستمرار التكهنات بشأن خفض سعر الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي. ومع ذلك، أدى إعلان بنك الشعب الصيني (PBOC) يوم الاثنين عن استئناف شراء الذهب بعد توقف دام ستة أشهر إلى تعزيز الاعتقاد بأن بنوكًا مركزية أخرى قد تحذو حذوه، مما زاد من التفاؤل بشأن الذهب.
أدى الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد خلال عطلة نهاية الأسبوع إلى تصاعد المخاوف من حدوث عدم استقرار في منطقة الشرق الأوسط التي تعاني بالفعل من الصراعات. ورفع الموقع الاستراتيجي لسوريا وعلاقاتها مع دول رئيسية منتجة للنفط مثل روسيا وإيران من علاوة المخاطر الجيوسياسية على أسعار النفط.
إلى جانب ذلك، لعب إعلان الصين الأول منذ 14 عامًا عن تخفيف السياسة النقدية لعام 2025 دورًا كبيرًا في دعم توقعات زيادة النشاط الاقتصادي في الصين، مما ساهم في ارتفاع أسعار النفط يوم الاثنين. جاء ذلك بعد قرار شركة أرامكو السعودية خلال عطلة نهاية الأسبوع بخفض أسعار النفط الآسيوية وقرار تحالف أوبك+ يوم الخميس الماضي بتأجيل زيادة الإنتاج، وكلاهما أشار إلى احتمالية ضعف الطلب.
تفوق الغاز الطبيعي بفضل الطقس البارد
على الرغم من ارتفاع الذهب بنحو 6% خلال الأشهر الستة الماضية حتى 9 ديسمبر، فقد ارتفع الغاز الطبيعي بنسبة تقارب 10%، أي ما يقرب من ضعف مكاسب الذهب، بينما انخفضت أسعار النفط بنحو 30%. تداولت أسعار الغاز الطبيعي بالقرب من أعلى مستوى لها في عام مؤخرًا بعد أن ارتفعت بنحو 25% في نوفمبر وحده، حيث تشير التوقعات إلى ظروف طقس أكثر برودة مما كان متوقعًا في السابق. أظهرت توقعات الطقس يوم الاثنين أن درجات الحرارة ستكون أقل من المعدل الطبيعي في النصف الشرقي من الولايات المتحدة هذا الأسبوع، مما زاد من التكهنات بشأن زيادة الطلب على الغاز الطبيعي لأغراض التدفئة.
علاوة على ذلك، أفادت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA) في تحديثها الأسبوعي للغاز الطبيعي الأسبوع الماضي بأن الطقس كان أبرد من المتوسط في شمال شرق البلاد وشمال غرب المحيط الهادئ، مما أدى إلى زيادة الطلب على التدفئة بنسبة 41.1% على أساس أسبوعي في الاستخدام السكني والتجاري، وارتفاع إجمالي الاستهلاك الأمريكي بنسبة 19.3%. كما زاد الطلب على تصدير الغاز الطبيعي المسال (LNG) في حين انخفض إنتاج الغاز الجاف قليلاً، مما أدى إلى تضييق الإمدادات. و مع ذلك، تعرضت الأسعار لبعض الضغوط الهبوطية بسبب مستويات التخزين التي كانت أعلى من المتوسط، والطقس الأكثر دفئًا في ولاية كاليفورنيا، وانخفاض السحب من المخزون بشكل أقل من المتوقع.
ورغم ذلك، أُبلغ يوم الاثنين أن الطلب على الغاز الطبيعي في الولايات الـ48 الدنيا كان أعلى بنسبة +10.9% على أساس سنوي، بينما انخفض إنتاج الغاز الجاف بنسبة -0.9%، مما يشير إلى ظروف إمداد أكثر ضيقًا إلى حد ما. وفي الوقت نفسه، أفادت شركة "بيكر هيوز" العالمية لتكنولوجيا الطاقة يوم الجمعة الماضي أن عدد منصات حفر الغاز الطبيعي النشطة في الولايات المتحدة ارتفع بمقدار 2 فقط، وهو أقل بكثير من مستويات ما قبل الجائحة، مما أثار قلق الأسواق بشأن الإمدادات المستقبلية. كما انخفض صافي تدفقات الغاز الطبيعي المسال (LNG) إلى محطات التصدير الأمريكية بنسبة -2.7% على أساس أسبوعي، وهو ما يعكس استمرار الطلب الدولي القوي. (مصدر: Nasdaq)
توقعات متباينة للطلب العالمي على الغاز
أشارت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA) في تقريرها حول توقعات الطاقة قصيرة الأجل، الصادر في 13 نوفمبر، إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي خلال شهر نوفمبر بسبب زيادة الاستهلاك في موسم التدفئة. وتوقعت الإدارة أن يبلغ متوسط أسعار الغاز الفوري في مركز هنري هب، وهو موقع تسليم عقود الآجلة في بورصة نيويورك، حوالي 2.90 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية (MMBtu) لعام 2024، مدفوعًا بشكل أساسي بقدرات تصدير الغاز الطبيعي المسال (LNG). وبلغ سعر الغاز في مركز "هنري هب" 3.05 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية يوم الاثنين.
ومع ذلك، أشار تقرير "آفاق صناعة النفط والغاز لعام 2025" الصادر عن ديلويت إنسايتس إلى استقرار الأسعار في عام 2024 بفضل بدء تشغيل خط أنابيب ماثرون إكسبرس في أكتوبر، مع توقع ارتفاع الأسعار في عام 2025. وأفاد التقرير بأن تطوير البنية التحتية في حوض برميان سيسهم في تخفيف قيود النقل اللازمة لتلبية الطلب المتزايد على مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي وصادرات الغاز الطبيعي المسال. ورغم عدم تحديد سعر متوقع، أظهرت التوقعات زيادة في الإنتاج بمقدار 3 مليارات قدم مكعب يوميًا حتى عام 2030.
وفي ديسمبر، يُتوقع أن يؤدي انخفاض درجات الحرارة في الأسواق الكبرى مثل الصين و اليابان و أوروبا، التي تشكل مع الولايات المتحدة أكثر من ثلثي الاستهلاك العالمي، إلى زيادة الطلب على التدفئة بالغاز مع تراجع المخزونات. كما أن عمليات إعادة التخزين النشطة في أوروبا و آسيا، إلى جانب تراجع تدفقات الغاز الروسي إلى أوروبا، قد تبقي الطلب على الغاز الطبيعي مرتفعًا حتى عام 2025.
الملخص
بدأت أسواق السلع الأسبوع بأداء قوي، مدعومة بمزيج من التصعيد الجيوسياسي في سوريا، وتوجه الصين نحو سياسة نقدية ميسرة لعام 2025، وتوقعات الطقس البارد. كما وجد الذهب دعمًا إضافيًا من شراء بنك الشعب الصيني للذهب، بينما سرق الغاز الطبيعي الأضواء بفضل توقعات الطقس الأكثر برودة من المتوقع وظروف الإمدادات المتضائلة.
و مع التطلع إلى المستقبل، يراقب المشاركون في السوق عن كثب تقرير مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) الأمريكي و اجتماع الاحتياطي الفيدرالي القادم، حيث قد يؤثران على ديناميكيات السوق.