الذهب يصل إلى ذروة جديدة مع تحوط المستثمرين

وصلت أسعار الذهب (XAU) إلى مستوى قياسي جديد في تداولات صباح يوم الثلاثاء، 11 فبراير، مع ارتفاع الطلب على المعدن الأصفر كملاذ آمن بعد فرض تعريفات جمركية جديدة على واردات الصلب والألمنيوم إلى الولايات المتحدة. وقد دعمت هذه الحركة التوترات الجيوسياسية المتصاعدة بين إسرائيل وحركة حماس، بعد إعلان الأخيرة عن وقف إطلاق سراح الرهائن.

ينتظر المستثمرون بشغف شهادة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، أمام الكونغرس يومي الثلاثاء والأربعاء لتقييم تأثير السياسات الجديدة للبيت الأبيض على التضخم والنمو، بينما يترقبون بيانات مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) يوم الأربعاء ومؤشر أسعار المنتجين (PPI) يوم الخميس من هذا الأسبوع.

الأسواق تتفاعل مع التوترات الجيوسياسية

ارتفع الذهب الفوري إلى 2935 دولارًا للأونصة الترويّة يوم الثلاثاء، بعدما فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعريفة جمركية جديدة بنسبة 25% على جميع واردات الصلب والألمنيوم إلى الولايات المتحدة، والمقرر أن تدخل حيز التنفيذ في 12 مارس. وأكد ترامب أن هذه التعريفات لن تشمل أي استثناءات أو إعفاءات، مشيرًا إلى احتمال زيادتها إذا قامت الدول الأخرى بالرد بالمثل، كما هدد باتخاذ إجراءات جديدة ضد الدول التي فرضت رسومًا على السلع الأمريكية. تزود كل من كندا والمكسيك الولايات المتحدة بحوالي 40% من احتياجاتها من الصلب، وكان قد تم تأجيل فرض الرسوم الجمركية السابقة البالغة 25% عليهما. في عام 2018، حصل البلدان على إعفاءات.

عقب إعلان التعريفة الجمركية يوم الاثنين 10 فبراير، ارتفعت أسهم كليفلاند-كليفز (CLF) بنسبة 18%، نوكور (NUE) بنسبة 5.6%، ستيل ديناميكس (STLD) بنسبة 4.9%. كما شهد منتجو الألمنيوم (ALI) شركة سنشري للألمنيوم و الكوا (AA) التداولات على ارتفاع، مسجلين مكاسب بنسبة 10.2% و2.2% على التوالي. (مصدر: Barron's)

على الجانب الآخر، كانت الصين الدولة الوحيدة التي ردت بفرض رسوم جمركية على بضائع أمريكية بقيمة 14 مليار دولار. كما أعلنت عن استثمار محتمل بقيمة 27 مليار دولار في الذهب من خلال برنامج تأمين تجريبي، في وقت أظهرت فيه أحدث بيانات احتياطيات الذهب، الصادرة يوم الجمعة الماضي، استمرار الصين في شراء الذهب للشهر الثالث على التوالي في يناير رغم تداول المعدن عند مستويات قياسية. وشكل الطلب من البنوك المركزية في بولندا وتركيا حوالي 70% من إجمالي الطلب في عام 2024، بينما لم يكن لتأجيل التعريفات الجمركية في أوائل فبراير أي تأثير يُذكر على مخاوف التضخم.

على الصعيد الجيوسياسي، أعلنت حماس يوم الاثنين تأجيل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، مشيرةً إلى انتهاكات لوقف إطلاق النار، مما يهدد بإلغاء الاتفاق الذي تم توقيعه قبل ثلاثة أسابيع فقط. جاء هذا الإعلان بعد دعوات دونالد ترامب لإفراغ غزة التي دمرتها الحرب، واقتراحه نقل الفلسطينيين إلى مصر والأردن. كما هدد الرئيس الأمريكي بوقف المساعدات عن البلدين إذا لم يمتثلا، ومنح حماس مهلة حتى 15 فبراير قبل أن يقوم بإلغاء اتفاق وقف إطلاق النار.

توقعات الذهب تعتمد على الاحتياطي الفيدرالي

ارتفع المعدن النفيس بحوالي 11% منذ بداية العام، محققًا سلسلة من الأرقام القياسية، مع توقعات الأسواق بأن سياسات ترامب قد تعيد إشعال التضخم. ارتفعت معدلات التضخم المستقبلي على مدى فترات زمنية متعددة، بما في ذلك السنتين والخمس والعشر سنوات، منذ بداية العام، مما يشير إلى زيادة الطلب على الذهب كتحوط ضد التضخم. ويتوقع محللو بنك أوف أمريكا (BAC) أن يبدأ تأثير التضخم في الظهور خلال النصف الثاني من عام 2025، مع تسارع الوتيرة بسبب فرض تعريفات جمركية إضافية. وستركز الأسواق على تقارير مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) ومؤشر أسعار المنتجين (PPI) لهذا الأسبوع، بالإضافة إلى تصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي.

من المتوقع أن ينخفض معدل التضخم الأساسي إلى 3.1% من 3.2% على أساس سنوي، لكنه قد يرتفع بوتيرة أسرع إلى 0.3% من 0.2% شهريًا، بينما من المتوقع أن ينخفض التضخم العام إلى 0.3% من 0.4% شهريًا ويستقر عند 2.9% سنويًا. وأكد رئيس الاحتياطي الفيدرالي أن البنك ليس في عجلة من أمره لخفض أسعار الفائدة، مشيرًا إلى الحاجة إلى مزيد من التقدم في كبح التضخم، في حين لا تزال ظروف سوق العمل ومعدلات البطالة متماسكة.

يتفق معظم المحللين في البنوك الكبرى على أن أسعار الذهب سترتفع في عام 2025، حيث تستهدف كل من جولدمان ساكس (GS) وجي بي مورجان (JPM) مستوى 3,000 دولار للأونصة بسبب الطلب القوي من البنوك المركزية وارتفاع الدين الفيدرالي الأمريكي إلى 36.383 تريليون دولار. وعلى الرغم من عدم وضوح فرص استمرار الاحتياطي الفيدرالي في خفض الفائدة، فإنه لا يزال من المتوقع أن يقوم بخفضين خلال عام 2025، مما يوفر دعمًا صعوديًا إضافيًا مقارنة بسندات الخزانة الأمريكية. فيما أشارت دويتشه بنك (DBK.DE) إلى إمكانية وصول الذهب إلى 3,050 دولارًا للأونصة.

من الناحية الفنية، يبدو أن الذهب في منطقة شراء مفرطة، ومع ذلك، لا يزال الاتجاه العام الصاعد قائمًا. وقد تؤدي تصريحات أكثر تشددًا من الاحتياطي الفيدرالي إلى الضغط على الأسعار على المدى القصير، بافتراض تراجع المخاطر الجيوسياسية.

الخاتمة

جاء ارتفاع الذهب إلى مستويات قياسية نتيجة لتحرك ترامب الأخير بفرض تعريفات جمركية على الصلب والألمنيوم، مما أثار مخاوف تضخمية ودفع المستثمرين للبحث عن ملاذ آمن. ومع تصاعد حالة عدم اليقين الجيوسياسي في غزة، يواجه المشاركون في السوق نظرة معقدة ولكنها متفائلة بحذر تجاه عام 2025.

مع اقتراب صدور إشارات قصيرة الأجل من رئيس الاحتياطي الفيدرالي والبيانات الأمريكية، تشير المؤشرات على المدى القصير إلى الحذر. ومع ذلك، يظل الاتجاه العام طويل الأجل قائمًا، مع توقعات باستمرار الطلب على الملاذات الآمنة، مدفوعًا بمشتريات البنوك المركزية وحالة عدم اليقين المالي.