تغييرات في مؤشر داو جونز: إنفيديا تحل محل إنتل

يوم الجمعة، 1 نوفمبر، أعلنت مؤشرات ستاندرد آند بورز داو جونز عن تغيير كبير في مؤشر داو جونز الصناعي الشهير (USA 30)، والذي سيصبح ساري المفعول يوم الجمعة، 8 نوفمبر: ستحل شركة إنفيديا (NVDA) محل شركة إنتل (INTC). تعكس هذه الخطوة المشهد المتغير في صناعة التكنولوجيا وأشباه الموصلات، إلى جانب الهيمنة المتزايدة للشركات المدفوعة بالذكاء الاصطناعي في العديد من المؤشرات.

بالإضافة إلى ذلك، يشهد قطاع الأسهم الكيميائية بعض التعديلات، حيث ستنضم شركة شيروين ويليامز (SHW) لتحل محل شركة داو إنك. لكن الاهتمام الأكبر ينصب على انضمام إنفيديا إلى المؤشر. شهد سهم إنفيديا ارتفاعًا ملحوظًا (حوالي 170% حتى الآن في عام 2024، بعد أداء بلغ 240% في عام 2023)، مدفوعة بشكل رئيسي بمساهمة إنفيديا الكبيرة في صناعة الذكاء الاصطناعي، مما جعلها مرشحة بارزة للانضمام إلى أحد أكثر المؤشرات الأمريكية تداولًا.

دعونا نستكشف التأثيرات المحتملة لهذا التغيير على المتداولين والسوق الأوسع.

فهم مؤشر داو جونز الصناعي (DJIA)

يُعد مؤشر داو جونز الصناعي (DJIA)، الذي يضم 30 سهمًا بارزًا للشركات الأمريكية الكبرى أو ما يُعرف بشركات "البلو تشيب"، أحد أكثر المؤشرات البارزة والعريقة في الأسواق المالية العالمية. منذ تأسيسه في أواخر القرن التاسع عشر، كان مؤشر داو جونز بمثابة مقياس للاقتصاد الأمريكي.

تطور المؤشر من التركيز على الشركات الصناعية عندما كان الاقتصاد الأمريكي يعتمد بشكل رئيسي على التصنيع والصناعات الثقيلة، ليشمل اليوم أسهم شركات من قطاعات متنوعة، متكيفًا مع التحولات في الاقتصاد.

اعتبارًا من أكتوبر 2024، يشمل مؤشر داو جونز جميع القطاعات باستثناء قطاعي النقل والمرافق، مما يوفر رؤية أكثر شمولية للسوق. ومع ذلك، لضمان أن تعكس تركيبة المؤشر دائمًا الوضع الاقتصادي الحالي، تقوم لجنة في مؤشرات ستاندرد آند بورز داو جونز بإدارة شركات المؤشر وتراجع مكوناته وتعدلها بشكل دوري.

لماذا اختارت لجنة ستاندرد آند بورز داو جونز شركة إنفيديا على شركة إنتل؟

يبرز هذا القرار بشكل رئيسي أهمية تمثيل القطاع وسعر السهم في مؤشر داو جونز الصناعي (DJIA)، كما أشار بعض المحللين في  مؤشرات ستاندرد آند بورز داو جونز. لقد شهدت أسهم إنفيديا نمواً مذهلاً مؤخراً، حيث تجاوزت قيمتها السوقية 3.3 تريليون دولار في عام 2024 حتى يوم الاثنين 4 نوفمبر، مما جعلها لاعباً رئيسياً في قطاع التكنولوجيا ومرشحاً طبيعياً للانضمام إلى المؤشر. وأصبحت الشركة ثاني أكبر شركة عامة في العالم من حيث القيمة السوقية، متجاوزة شركة Microsoft (MSFT) لكنها تأتي خلف Apple (AAPL) فقط.

في المقابل، تراجعت قيمة إنتل بشكل كبير على مدى السنوات الأخيرة، مما جعل سعر سهمها المنخفض نسبياً (حوالي 22.50 دولار للسهم الواحد حتى يوم الاثنين 4 نوفمبر) أقل تأثيراً في المؤشر الذي يعتمد على الوزن السعري.

وقد رأت اللجنة ضرورة الحفاظ على التمثيل في قطاع أشباه الموصلات، الذي أصبح ذا تأثير متزايد في الاقتصاد العالمي. 

إن إدراج إنفيديا في مؤشر داو جونز يعكس التحول المستمر نحو القطاعات المدفوعة بالتكنولوجيا ضمن المؤشر. وكان آخر تغيير في المؤشر قد حدث في فبراير 2024 عندما حلت شركة Amazon (AMZN) محل Walgreens Boots Alliance (WBA)، مما يعكس التركيز المتزايد على أسهم الإنترنت والتكنولوجيا.

ماذا تعني إضافة إنفيديا لمؤشر داو جونز؟

 يختلف مؤشر داو جونز الصناعي (DJIA) عن مؤشرات رئيسية أخرى مثل مؤشر DAX 40 الألماني (FDAX) في طريقة حسابه.

في حين يعتمد مؤشر DAX 40 على الوزن الإجمالي للقيمة السوقية لكل شركة، فإن مؤشر داو جونز يعتمد على الوزن السعري، مما يعني أن تأثير الشركة على المؤشر يتحدد بسعر سهمها وليس بقيمتها السوقية الكلية.

يقوم مؤشر داو جونز بجمع أسعار أسهم الشركات الثلاثين الأعضاء فيه ثم يطبق مقسومًا معينًا، يُعرف باسم مقسوم داو، لضبط قيمة المؤشر بمرور الوقت. هذه الخاصية المتمثلة في الاعتماد على الوزن السعري تمنح مؤشر داو سلوكيات فريدة مقارنة بالمؤشرات التي تعتمد على القيمة السوقية.

على سبيل المثال، شركة إنتل، التي انخفض سعر سهمها بأكثر من النصف هذا العام، أصبح لها الآن تأثير ضئيل جداً على المؤشر، حيث تحتفظ بوزن يقل عن 0.5%، وهو الأدنى بين جميع مكونات مؤشر داو. وعلى النقيض من ذلك، يمكن للأسهم ذات السعر المرتفع أن يكون لها تأثير أكبر، حتى لو كانت قيمتها السوقية أصغر من بعض الشركات الأخرى.

تستفيد إنفيديا من ارتفاع سعر سهمها ضمن إطار داو، لكن بدرجة أقل مما ستكون عليه في مؤشر يعتمد على القيمة السوقية. إذا كان مؤشر داو يعتمد على القيمة السوقية، لكانت إنفيديا ستشكل نحو 18% من وزن المؤشر. ومع ذلك، في حساب الوزن السعري، تحتل إنفيديا المرتبة 21 من حيث الوزن، بين شركات مثل Chevron (CVX) و 3M (MMM). وهذا يعني أن تأثيرها على المؤشر يظل معتدلاً رغم قيمتها السوقية الكبيرة.

بشكل عام، من المتوقع أن تزداد نسبة قطاع التكنولوجيا في مؤشر داو بشكل طفيف لتصل إلى حوالي 19.5% من 18.9%، لكنها ستظل أقل بكثير من النسبة المقدرة البالغة 58% في حساب افتراضي قائم على القيمة السوقية. (مصدر: CNBC)

بالنسبة للمتداولين، يعني هذا الهيكل أن التغيرات في الأسهم ذات السعر المرتفع تؤثر بشكل أكبر على مؤشر داو مقارنة بتقلبات الأسهم ذات القيمة السوقية العالية. واعتباراً من يوم الاثنين 4 نوفمبر، تعد UnitedHealth (UNH) وGoldman Sachs (GS) و مايكروسوفت من بين الشركات الثلاث الأعلى سعراً للأسهم داخل المؤشر

الخاتمة

تعكس إضافة إنفيديا نموها الكبير في السوق وجهود مؤشر داو للبقاء متماشيًا مع التحولات الاقتصادية نحو الصناعات التقنية. ومع ذلك، بسبب الهيكل القائم على الوزن السعري لمؤشر داو، من المرجح أن يكون تأثير إنفيديا على المؤشر معتدلًا مقارنة بتأثيرها المحتمل لو كان يعتمد على القيمة السوقية.

ورغم أن إضافة إنفيديا تزيد قليلاً من تمثيل قطاع التكنولوجيا في المؤشر، إلا أن منهجية مؤشر داو تعني أن الأسهم ذات الأسعار المرتفعة مثل  يونايتد هيلث و  جولدمان ساكس ستظل تتمتع بتأثير أكبر من بعض أكبر الشركات التقنية من حيث القيمة السوقية.