بيتكوين تقترب إلى 90,000 دولار: هل ستستمر في التفوق على الذهب؟

شهدت الأسواق المالية تغيرات كبيرة عقب نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة. في حين أن بعض الأصول، مثل المؤشرات الأمريكية و تيسلا (TSLA) و بيتكوين (BTCUSD)، شهدت ارتفاعاً، فقد شهدت أخرى، مثل الذهب (XAU) و الفضة (XAG)، أداءً ضعيفاً.

حازت بيتكوين على اهتمام المتداولين بشكل خاص. في يوم الإثنين، 11 نوفمبر، تقترب إلى أعلى مستوى جديد لها على الإطلاق عند 90,000 دولار وتجاوزت الفضة كواحدة من أكبر الأدوات المالية في العالم.

اعتباراً من الثلاثاء، 12 نوفمبر، تجاوزت القيمة السوقية لبيتكوين (حوالي 1.75 تريليون دولار وقت كتابة هذا التقرير) القيم السوقية لعدة شركات أمريكية ودولية بارزة، مثل ميتا بلاتفورمز (1.472 تريليون دولار) (META) ، وتيسلا (1.123 تريليون دولار)، و بيركشاير هاثاواي الخاصة بوورن بافيت (BRK.B) ( تريليون دولار1.007)، و شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات (1.007 تريليون دولار) (TSM) وغيرها.

ازداد الاهتمام ببيتكوين بشكل ملحوظ، وهذا يبدو جلياً في أداء صندوق iShares Bitcoin Trust (IBIT) ، الذي تجاوز مؤخراً صندوق iShares Gold Trust (IAU) من حيث الأصول المُدارة (AUM).اجتذب صندوق IBIT المتداول في صندوق الاستثمار المتداول في البورصة (ETF) تدفقات كبيرة منذ فوز دونالد ترامب، بلغ مجموعها ما يقرب من مليار دولار خلال الأسبوع الماضي و27 مليار دولار منذ إطلاقه في يناير 2024. في يوم الجمعة، 8 نوفمبر، كانت ETF الخاصة ببيتكوين تدير حوالي 34.3 مليار دولار من الأصول المُدارة، وهي قيمة أعلى من حوالي 33 مليار دولار الخاصة بـ ETF الذهب (وكان ذلك قبل أن يحقق البيتكوين إنجازًا جديدًا في عالم العملات الرقمية). (مصدر: CNCB)

مع استمرار اكتساب بيتكوين للزخم، قد يتساءل بعض المتداولين عن مسارها طويل الأمد وإمكانية تفوقها على السلع التقليدية والأصول الآمنة مثل الذهب. في هذا التحليل، سنتعمق في العوامل المحركة لهذه الديناميكيات في السوق ونستعرض ما يمكن أن يتوقعه المتداولون من كلا الأصلين.

ارتفاع البيتكوين بعد فوز ترامب: ما الذي قد يدفع هذه الزيادة؟

يمكن أن يكون الارتفاع الأخير في قيمة البيتكوين ناتجًا عن التغيير المتوقع في القيادة السياسية في الولايات المتحدة. إذ يتوقع العديد من المتداولين بيئة تنظيمية أكثر ملاءمة في ظل إدارة دونالد ترامب وسيطرة الجمهوريين على الكونغرس. يبدو أن بعض المشاركين في السوق يرون إمكانية إجراء تغييرات تنظيمية قد تفتح الباب أمام اهتمام أكبر بالأصول الرقمية.

على مدار السنوات الأخيرة، واجهت صناعة العملات الرقمية تحديات كبيرة في ظل مناخ تنظيمي شكلته إدارة الديمقراطيين تحت رئاسة جو بايدن. فمنذ عام 2021، قام رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات (SEC)، غاري غينسلر، بفرض رقابة صارمة. وتُعتبر سياسات غينسلر من قبل البعض تقييدية، مما أدى إلى خلق جو من الحذر بين المتداولين التقليديين، وربما ساهم في إبطاء وتيرة تبني الأصول الرقمية. (مصدر: Binance)

قد يؤدي تعيين ترامب لرئيس جديد لهيئة الأوراق المالية والبورصات يتمتع بموقف أكثر دعمًا للعملات الرقمية إلى زيادة التفاؤل في القطاع. قد تسهم السياسة التنظيمية الأكثر مرونة في تقليل الحواجز أمام الدخول، مما قد يسمح لمزيد من المؤسسات الأمريكية بالمشاركة في سوق العملات الرقمية، مما قد يؤدي إلى تحفيز زخم الأسعار وتعزيز استقرار السوق.

بالإضافة إلى ذلك، فإن انخراط ترامب مؤخرًا في عالم العملات الرقمية من خلال استثماره في شركة "ورلد ليبرتي فاينانشال" التي تعمل في بروتوكولات التمويل اللامركزي (DeFi)، قد يشير إلى تغير محتمل في نظرته للأصول الرقمية. ويرى بعض المتداولين في انفتاحه الظاهر تجاه العملات الرقمية مؤشراً إيجابياً آخر، مما يشير إلى أن إدارته قد تتخذ موقفًا داعمًا لنمو هذه الصناعة.

لماذا تراجع الذهب بعد الانتخابات الأمريكية؟

على عكس البيتكوين، تعرضت أسعار الذهب لضغوط منذ الانتخابات، حيث انخفضت بنحو 5%. فبعد وصوله إلى أعلى مستوى قياسي له عند حوالي 2800 دولار يوم الأربعاء، 30 أكتوبر، تراجع الذهب ويتداول حاليًا بالقرب من أدنى مستوى شهري عند 2600 دولار اعتبارًا من الثلاثاء، 12 نوفمبر.

وفي نوفمبر 2024، كان الذهب قد سجل ارتفاعًا بأكثر من 33% بفضل زيادة مشتريات البنوك المركزية من الذهب، والتوترات الجيوسياسية، وتراجع أسعار الفائدة. إلا أن التطورات الأخيرة في الولايات المتحدة ساهمت على ما يبدو في تراجع الذهب.

يمكن أن يُعزى أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض سعر الذهب الأخير إلى قوة الدولار الأمريكي، الذي ارتفع إلى أعلى مستوى له في أربعة أشهر وسط توقعات بأن سياسات إدارة ترامب ستكون توسعية. العلاقة العكسية بين الدولار والذهب تعني غالبًا أن قوة الدولار تؤدي إلى انخفاض أسعار الذهب، حيث يصبح الذهب أغلى بالنسبة للمشترين الذين يستخدمون عملات أخرى. وإذا استمر الدولار في الارتفاع، فقد يزيد هذا الاتجاه من الضغط على الذهب في المدى القصير.

سبب آخر وراء حركة سعر الذهب الأخيرة قد يكون ارتفاع عائدات السندات، الناجم عن المخاوف من أن سياسات ترامب قد تؤدي إلى زيادة التضخم. فارتفاع عوائد السندات يقلل من جاذبية الذهب، الذي لا يولد أي عوائد، مما يجعله أقل جاذبية للمتداولين الباحثين عن العوائد.

الخاتمة

يشير ارتفاع البيتكوين إلى 90,000 دولار إلى علامة فارقة مدفوعة بالتفاؤل حول التحولات التنظيمية المحتملة، وزيادة الاهتمام المؤسساتي، والمناخ السياسي الأكثر ملاءمة، والذي يراه الكثيرون مشجعًا لنمو الأصول الرقمية.

وفي المقابل، واجه الذهب مؤخرًا رياحًا معاكسة قد تكون ناجمة عن قوة الدولار الأمريكي وارتفاع عائدات السندات، مما قلل من جاذبيته لبعض المتداولين. ومع ذلك، قد يظل دور الذهب التاريخي كأصل آمن يوفر الاستقرار، خاصة في ظل تزايد المخاوف حول استقرار الاقتصاد العالمي بسبب السياسات التجارية الحمائية المحتملة من إدارة ترامب.

ما إذا كان البيتكوين سيتجاوز الذهب على المدى الطويل لا يزال غير مؤكد. ولكن في الوقت الحالي، فإن الخصائص الفريدة لكل أصل تجعله يستجيب بشكل مختلف للظروف الاقتصادية والجيوسياسية المتغيرة.